تعالت اصوات بعض الاقباط في هذه الايام تردد عبارات تهدد السلم الاجتماعي الذي تمتع به هذا البلد ما يزيد عن 1400 عام ، مثل :-
الغزو العربي
فرض الجزية سبب التحول الى الاسلام
مصر قبطية ونحن اصحاب الارض !!
ويبدوا ان هناك قصورا في تدريس التاريخ الحقيقي – لشركاء الوطن – الذين لم يتمتعوا لا اقول فقط بالحرية الدينية ، بل بالحرية في كل شي الا منذ قدم نور الاسلام يحمله معه القائد العظيم عمر بن العاص بعهد من الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب ، أحد أهم اقباط العدل في تاريخ الانسانية .
يقول المفكر والمؤرخ القبطي نبيل لوقا في مقال منشور بالاهرام بتاريخ 30 نوفمبر سنة 2000 :-
كان الاقباط في مصر في عهد الدولة الرومانية مطاردين ويتعرضون للقتل الجماعي علي يد الامبراطور الروماني هرقل نظرا لاختلاف الكنيسة الارثوذكسية المصرية عن الكنيسة البيزنطية في عقائدهم الاساسية, وظل الرومان يطاردون بطريرك الاقباط الارثوذكسي بنيامين لمحاولة قتله ، وظل الاضطهاد الروماني للاقباط نظرا لرفض الاقباط التخلي عن أسس الكنيسة الارثوذكسية والارتباط بأسس الكنيسة البيزنطية الرومانية المختلفتين في الكثير من المسائل اللاهوتية خاصة في مسائل طبيعة السيد المسيح, الي أن جاء عمرو بن العاص بقوة صغيرة مكونة من أربعة آلاف جندي وانتصر علي القوات الرومانية ورحل آخر جندي روماني عن مصر في29 سبتمبر عام642 م ومنذ ذلك الحسين أصبح في مصر ديانتان للمسلمين والاقباط ، وأول شيء فعله عمرو بن العاص أنه أرسل كتابا للأنبا بنيامين بالعهد والامان والسلامة له ولطائفته من الاقباط واصبح ما ينظم العلاقة بين المسلمين والاقباط ما ورد في القرآن الكريم من حسن المعاملة مع الاقباط ففي إحدي الأيات ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن وفي آية أخري لا إكراه في الدين, قد تبين الرشد من الغي.
وقد حدد الرسول عليه الصلاة السلام معالم العلاقة بين المسلمين والاقباط حينما قال من آذي ذميا فقد آذاني ومن اذاني فقد آذي الله
وقد حدد الرسول عليه الصلاة السلام معالم العلاقة بين المسلمين والاقباط حينما قال من آذي ذميا فقد آذاني ومن اذاني فقد آذي الله
وتبدوا هذه الكلمات من المفكر القبطي الشهير شديدة الاتساق مع الحقائق التاريخية حيث يعتبر عيد الشهداء دليلا على عمليات الاضطهاد الرسمية التي قامت بها السلطات الرومانية ضد الأقباط المصريين وقعت أيام حكم الامبراطور ديسيوس الذي حكم روما 249 – 251 م واستمرت عمليات اضطهاد الأقباط حتى بلغت أوجها في فترة حكم الامبراطور ديوقليسيانوس الذي أصبحت بداية حكمه عام 284م بداية للتقويم القبطي ، لكثرة عدد الشهداء الذين قتلوا في أيام هذا الامبراطور. وأصدر الأقباط في هذه السنة تقويمهم المعروف باسم تقويم الشهداء ـ الذي يحتفل به حتى الآن في عيد النيروز وهو رأس السنة القبطية ـ وكان البابا ثاؤنا السادس عشر أحد أساقفة الاسكندرية في ذلك الوقت.
كان ذلك قبل ان تتحول الامبراطورية الرومانية الى المسيحية ، فهل انتهى اضطهادهم في الاقباط بعد هذا التحول ؟
عندما أصدر الامبراطور قسطنطين «اعلان ميلانو» عام 313 الذي ينص فيه على أن المسيحية صارت الديانة الرسمية للامبراطورية الرومانية. تأجج الصراع بين الرومان والمصريين على عكس ما كان يتوقعه اقباط مصر ، اذ أراد أساقفة روما انتزاع قيادة العالم المسيحي من أساقفة الاسكندرية، لكي تصبح روما هي العاصمة السياسية والدينية كذلك. ومنح الامبراطور سلطات واسعة للأساقفة الرومان، فأصبح لهم الحق في استخدام سلطة الشرطة والجيش في فرض تعاليمهم على من يخالفهم، في أي مكان من الامبراطورية. وعام 325 انشأ الامبراطور قسطنطين جماعة كنسية مسكونية (عالمية) هدفها محاربة ما تعتقد كنيسة روما أنه يمثل عقائد هرطوقية، أي لا تتفق مع تعاليمها. وانتهى بهم الأمر الى ارسال الأسقف ثيوفيلوس الى الاسكندرية، وهو الذي أحرق عام 391 معبد السرابيوم ومكتبة الاسكندرية الشهيرة التي كانت بداخله، لكي يصبح «فاتيكان» روما قبلة المسيحية الوحيدة . وتبعت ذلك عمليات تفتيش واسعة بجميع أنحاء الدولة المصرية، بحثا عن أية كتابات لدى الأقباط المصريين تعارض تعاليم كنيسة روما. تلك هي الفترة التي اخفى فيها بعض الرهبان البخوميين في صعيد مصر، مخطوطات نجع حمادي داخل زلعة وضعوها في أحد الكهوف المخصصة لدفن الموتى والغريب ان الكنيسة لا تعترف بهذه المخطوطة .
وانتهى حكم روما على مصر عند موت الامبراطور ثيودوسيوس الأول عام 395 بعد اربع سنوات من حرق معبد السرابيوم ومكتبة الاسكندرية. وانتقلت مصر بعد ذلك الى سلطة الدولة البيزنطية الجديدة وعاصمتها القسطنطينية واستمر الوضع كذلك حتى الفتح الاسلامي عام 641، عندما وصل اليها عمرو بن العاص.
حيث كانت العلاقة سيئة ايضا بين أقباط مصر وحكام بيزنطة (القسطنطينية) منذ البداية، الا أنها ازدادت سوءاً بعد انعقاد «مجمع نيقيا» الثاني لممثلي الكنائس عام 449. اذ اختلف في هذا المؤتمر حول ما اذا كان للمسيح طبيعتان أو طبيعة واحدة وبعدها قرر المجمع ان له طبيعتين لاهوتية وناسوتية، واعتبر من يخالف القرار من الهراطقة. ولما كانت الكنيسة القبطية المصرية لا توافق على الطبيعتين اتهمتها روما والقسطنطينية بالهرطقة، ولهذا قرر المصريون الانسحاب كلياً من مجامع الكنائس العالمية منذ ذلك التاريخ. وفي محاولة منها لفرض عقيدة الرومان على المصريين، فرضت القسطنطينية سيطرتها على كنيسة القديس مرقص بالاسكندرية، وعينت أسقفاً من عندها للاشراف عليها. الا أن هذا لم يفلح في اخضاع الأقباط الذين اسسوا كنيستهم للقديس مرقص خارج الاسكندرية واختاروا لها أسقفاً مصرياً، فأصبح هناك فرعان للكنيسة المرقصية. وبدأت السلطات البيزنطية سلسلة من عمليات الاضطهاد ضد أقباط مصر بهدف اجبارهم على قبول العقيدة الرومانية التي طالت حوالي قرنين من الزمان حتى مجيء عمرو بن العاص الى مصر. كذلك عين الامبراطور البيزنطي رجلاً واحداً هو بوليناريوس، حاكماً على مصر وقائداً للجيش وأسقفاً للاسكندرية، حتى يمنحه سلطات كاملة لفرض عقيدة روما على شعب مصر. ورفض أقباط مصر الحكم العسكري للكنيسة واختاروا أسقفاً لهم من بينهم، الا أنه اضطر للتنقل سراً بين اديرة الصحراء هرباً من البيزنطيين، وزاد الحاكم الجديد الضرائب على المصريين الذين أساء ممثلو السلطة معاملتهم في جميع المناسبات ما بين 451 و641 م .
اذن لم تنته مشاكل الأقباط المصريين مع الرومان والبيزنطيين الا بوصول جيوش الفتح الاسلامي الى مصر. ورحيل الرعايا البيزنطيين عنها . وعلى الفور أعلن العرب المسلمون ضمانهم حرية العقيدة لأهل الكتاب من المسيحيين واليهود، وبعد ذهاب البيزنطيين جاءوا بالأسقف القبطي بنيامين الأول من مخبئه في صحراء اسيوط ، وسلّموه كنائس الاسكندرية .
يقول يعقوب نخلة في كتاب تاريخ الامة القبطية ص 28 :-
جاء في بعض التواريخ أنه قتل في يوم واحد من الأقباط بمدينة الإسكندرية مائتا ألف نفس وإن كان هذا لا يخلو من المبالغة في القول والمغالاة في النقل إلا أنه يدل على شدة اضطرام نار الفتنة ، وربما كان هذا عدد جميع الذين قتلوا من الأقباط في كل أنحاء مصر ، وهو عدد ليس بقليل ” .
ولكن القتل والحرق والالقاء في البحر ليس كل صنوف العذاب التي كان يلقاها اقباط مصر قبل مجيء ما يسمونه الغزو العربي ، حيث يقول د. نبيل لوقا ان الجندي الروماني كان يدخل على زوجة القبطي الارثوذكسي فيضاجعها بينما ينتظره زوجها في الخارج وقد جمع له بعض الفاكهة ليتناولها بعد الانتهاء من زوجته .
وتقول المؤرخة إيزيس حبيب في كتابها قصة الكنيسة القبطية ص 245 :-
ان اعراض المصريات الارثوذكس كانت هي ثمن هذا الصراع المذهبي بين الكنيستين المصرية والرومانية حتى جاء عمرو بن العاص .
ويقول المؤرخ الغربي يقول جاك تاجر:-
وفعلا بعثت الكنيسة اليعقوبية من جديد وقويت تحت حكم عمر بن العاص ، أو بالأحرى ـ إن أردنا الدقة في التعبير ـ عاد لمذهب الطبيعة الواحدة سطوته الماضية ، وبسبب تلك المعاملة اللينة التي لم يعامل بها الأقباط منذ أمد بعيد ازداد عدد المنتمين لذلك المذهب .
كما يذكر – بن المقفع – في كتابه ” سير الأباء البطاركة “: -
أنه كان من نتائج عودة الأنبا بنيامين إلى كرسي البطريركية أن رجع كثير من المصريين إلى المذهب الأرثوذكسي بعد أن كانوا قد نبذوه نتيجة لإضطهاد هرقل قيصر الروم”. ويضيف أنه :”بعد أن تم لبنيامين لم شمل قومه من القبط، اتجه إلى بناء ما كان هرقل قد هدمه من الكنائس والأديرة، أي أن المذهب الأرثوذكسي بدأ يستعيد مكانته في ظل الحكم العربي ولا عجب إذا عم السرور والفرح على أقباط مصر جميعًا . ص ( 7 )
ولنضف إلى ذلك أن العرب أثناء ولاية عمرو لم يحاولوا أن يضغطوا على الأقباط ليعتنقوا الإسلام ولم يضطهدوهم. هذا ما يقوله جاك في كتابه مسلمون وأقباط حيث يقول الكاتب في ص (63) : وعلى كل حال لم يحاول الجنود العرب الاختلاط بالشعوب المهزومة لأن رؤساءهم كانوا يمنعونهم من هذا الاختلاط منعا باتا.
واخيرا ، يقول الاب انطوان فؤاد في كتابه ” الاقباط تحت الحكم الاسلامي : -
لقد كانت كل الأقاليم الواقعة تحت الحكم البيزنطي في حالة من الضياع والفقر ترزح تحت ترسانة من الضرائب، ولم يكن أهل البلاد خاصةً في مصر الطبقة السفلى في النظام الاجتماعي، بينما الطبقات العليا المكونة من الرومان ليس لهم إلا غرض واحد هو ابتزاز المصريين حتى آخر درهم، وهو ما يفسر مساعدة الأقباط للمسلمين في فتح مصر، كما أن تقدير الضرائب كان يتم حسب ظروف الإمبراطورية في العام الذي تقدر فيه، يضعها الإمبراطور مع مستشاريه وفقاً للحروب التي ستدخلها الدولة أو نفقات العمران التي تحتاجها، أو القصور التي سيبنيها الإمبراطور لنفسه،
فوصلت الضرائب إلى (25) نوعًا في الدولة البيزنطية.
وجدير بالذكر؛ أن الأقباط كانوا بمعزل عن الأحداث من قبل الفتح بستة قرون بعد سيطرة الدولة الرومانية وقهرها لأهل البلاد، وهو الأمر الذي بلغ مداه قبل وصول الجيوش الإسلامية علي أبواب مصر بعد محاولات من الحاكم لتغيير ملة ومذهب الأقباط وتحويلهم إلي المذهب الملكاني، وهو ما فشل فيه فشلاً ذريعًا مما دفعه إلي تخريب الكنائس والأديرة الخاصة بالأقباط، وأصبح الجو مهيئًا لاستقبال الوافد الجديد، خاصةً مع وجود العديد من الطوائف والمذاهب التي كانت خارجة علي الكنيسة الأرثوذكسية ووجدت نفسها تتفق مع تعاليم الإسلام، فدخلوه بإرادتهم الحرة خاصةً أن الإسلام كان لا يجبر أحدا علي الدخول فيه، فكان يضع في المقدمة الدخول في الإسلام أو الجزية، أو الحرب.
وكانت شروط الجزية غاية في التيسير، فكان يُعفي منها من يعاني من الفقر أو المرض أو كبر السن، وكانت لا تمثل شيئا بالنسبة لما كان يدفعه الأقباط للرومان، وشعر الأقباط بالأمان مع قدوم القوات الإسلامية بعد أن أدركوا أنهم لا يخططون لإخراجهم من دينهم ولن يرهقوهم بالضرائب الباهظة، والدليل علي ذلك أنه حتى نهاية العصر الفاطمي لم يدخل في الإسلام من أقباط مصر أكثر من 20٪ منهم.
ومما لا شك فيه؛ أن القبط لم يعاونوا الروم في قتال العرب إلا بالقدر الذي يضطرهم إليه خضوعهم كارهين لسلطان قيصر وعماله. ولكن لا شك كذلك في أنهم لم يعاونوا العرب، إلا أن تكون معاونات فردية. أما فيما وراء ذلك، فقد وقف شعب مصر من الفريقين المتحاربين موقف المتفرج شديد التطلع. ولما كان الشعب قد أفسدته العبودية، فكان يتحمل سادته بشيء من عدم المبالاة، ولله الأمر في اجتياح الفرس لبلادهم وخروجهم منها، وفي عودة الرومان إليها ونزوحهم عنها، وفي دخول العرب إليها وبقائهم فيها.
يقول الله تعالي في القرآن الكريم :
بسم الله الرحمن الرحيم
” فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى” [الأعلى: 9 - 12].
صدق الله العظيم
وهذا الجهد البسيط اهديه الى ( شركاء الوطن ) علهم يتذكروا حالهم من ذل وقهر وكرب واغتصاب قبل مجيء ما يسمونه الغزو العربي ، ان نفعت الذكرى
وانهي مترحما على الشاعر العربي المتنبي الذي قال : -
إذا ساء فعلُ المرءِ ساءتْ ظنونُه …..وصدّقَ ما يعتادهُ من توهّـــــمِ
إذا أنت أكرمت الكريمَ ملكته ……..وإن أنت أكرمت اللئــــيمَ تمّردا
إذا أنت أكرمت الكريمَ ملكته ……..وإن أنت أكرمت اللئــــيمَ تمّردا
(((حسام الغمري)))
.
.
.
.
No comments:
Post a Comment