Wednesday, April 11, 2018

محبو «السيدة زينب» يحتفلون بمولدها

محبو «السيدة زينب» يحتفلون بمولدها حتى مطلع الفجر.. ومريدو «آل البيت»: مدد يا «أم العواجز»

أمس PM 07:23
محبو «السيدة زينب» يحتفلون بمولدها حتى مطلع الفجر.. ومريدو «آل البيت»: مدد يا «أم العواجز»
مريدو «آل البيت» أثناء الاحتفال بالمولد
فى أجواء من البهجة والفرح، احتفل آلاف المصريين من محبى آل البيت وأبناء الطرق الصوفية أمس الأول، بذكرى مولد السيدة زينب بنت الإمام على كرم الله وجهه، حفيدة رسول الله، وابنة بضعته فاطمة الزهراء، رضى الله عنها. المحتفلون حضروا من مختلف المحافظات، تلبية لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بمودة آل البيت الكرام، عازمين على قضاء يومهم فى رحاب السيدة زينب، الشهيرة فى مصر بعدة ألقاب أبرزها «أم العواجز وأم المساكين والمشيرة ورئيسة الديوان». محبو السيدة زينب قطعوا مئات الأميال للوصول لتلك البقعة التى تشع نوراً بمسجدها المبارك فى قلب القاهرة، من بينهم مُسن تغلب على مرضه وجاء على كرسى متحرك، تلبية لنداء آل البيت، وحباً وعشقاً لرسول الله وأهل بيته الكرام، وآخرون من أبناء الصعيد، ومجموعة من البدو، الكل تجمع سعياً لإشباع رغباتهم الروحية، بزيارة مساجد آل البيت.
رقصات وابتهالات وحلقات ذكر: «كل القلوب إلى الحبيب تميل».. و«التهامى» يُحيى الليلة الختامية
ومع أذان العصر، دخل الرجال المسجد تاركين النساء فى الخيام لخدمة المارة والمحتفلين وتقديم الطعام والشراب لهم، بعد الصلاة ارتفعت من مكبرات الصوت عبارات الإنشاد الدينى، ومدح رسول الله، وزاد توافد مريدى آل البيت على ميدان السيدة، الذى تجمل بالزينة والأنوار، ونُصبت الخيام فى الشوارع والأزقة المواجهة للمسجد الذى أحاطت به الأنوار من جميع جوانبه. داخل إحدى الخيام، جلست عجوز ستينية بجلباب أسود يرتفع قليلاً عن الأرض، وبرابطة رأس سوداء، ووجه تكسوه السمرة النوبية الجميلة، وبيدها ملعقة خشبية، تعد الأكل لذويها وللزائرين، ومع عملها فى تقليب الفول النابت ووضع حبيبات الملح عليه، وإضافة المياه له شيئاً فشيئاً حتى أصبح جاهزاً للأكل، كان المارة يتوافدون عليها لتناول الطعام، وبجوارها جلست فتاة عشرينية، برداء أسود، وعصابة رأس خضراء، مكتوب عليها «مدد يا أهل بيت النبى مدد»، تطهو كميات كبيرة من الأرز وهى تستمع إلى الأغانى التى تخرج من مذياع فى أحد أركان الخيمة يبث أغانى وتواشيح ومديحاً نبوياً.
وما إن انتهت صلاة العصر حتى بدأت النساء فى استقبال المصلين بوجبات الطعام، أطباق من الفول النابت، والعيش، وقليل من قطع اللحم، وانهمك الجميع فى تناول الوجبة. «أنا مش هاكل لحمة، أنا هاكل نابت وعيش بس علشان نحس ونعيش عيشة الفقراء، ونتقشف زى سيدنا النبى»، بهذه الكلمات برر عجوز سبعينى من محافظة المنيا، إصراره على تناول الفول النابت وترك اللحم، حيث أكد أنه رغم تقدمه فى العمر، فإنه يواظب على حضور موالد آل بيت رسول الله، وأشار إلى أنه يفترش حصيراً لينام عليه فى الخلاء منذ ثلاثة أيام مضت.
خيمة أخرى امتلأت بمحبى آل البيت، الرجال فيها ينشدون، والصغار يلهون. جلس صبى فى السادسة من عمره بجوار والده، مرتدياً عمامة خضراء مكتوباً عليها «محمد رسول الله»، وجلباباً أسود اللون، مطرزاً بحبيبات الخرز، وشبشباً أزرق، وبينما يلهو حول والده أخذ يردد عبارات وأناشيد فى مدح النبى بكلمات متقطعة، «بحب أروح كل الموالد علشان دول أهل النبى» بهذه الكلمات تحدث الصغير محمد عيسى ابن محافظة سوهاج، وقال «أبى من أبناء الطريقة الرفاعية، ونأتى هنا كل عام لزيارة مسجد السيدة زينب»، وقاطعه والده قائلاً «جيت مع أسرتى لأنى عاوز أزرع فيهم عشق آل بيت رسول الله».
أما عن إقبال الزائرين على المسجد فيرى فتحى على، أحد المريدين، أنها كبيرة جداً، ووصفها فى كلمات شعرية قائلاً «كل القلوب إلى الحبيب تميل، ومعى بذلك شاهد ودليل، أما الدليل إذا ذكرت محمداً صارت دموع العاشقين تسيل».
انتشار أمنى مكثف فى محيط المسجد لتأمين «المولد».. والباعة: «الأسعار السنة دى غالية والناس بتتفرج وتمشى».. وعجوز يترك اللحوم لأكل الفول النابت: علشان أحس بالفقراء
ومع أذان المغرب، احتشد المصلون أمام المسجد، الذى امتلأ عن آخره، وقبل خروج المصلين من المسجد، أضاءت الأنوار وارتفعت الأصوات والأناشيد والابتهالات، وتجمع البعض وأخذوا يتمايلون على نغمات المزمار البلدى والطبلة.
وبخلاف مريدى «السيدة»، كان يوجد باعة الموالد، منهم بائع البالونات الذى يصيح فى كل تجمع للأطفال «تعالَ يا بيه البالونة بجنيه»، وبائع الحمص الذى علا صوته وهو يردد بين زائرى المسجد «قرب تعالَ الحمص ببلاش» ليتجمع حوله العشرات، ويسألونه عن الأسعار، فيجيبهم بأنها تتراوح ما بين ٢٥ و٣٥ جنيهاً للكيلو. «الأسعار غليت وده أثر على نسبة الشراء»، قالها أحد الباعة الجائلين واصفاً حالة البيع والشراء فى مولد السيدة هذا العام، وأضاف «الأسعار غالية السنة دى، والناس مابقتش تشترى، الأول الحاجة كانت رخيصة، سعر لفة المشبك ٥ كيلو بـ١٠٠ جنيه، من سنة كانت بـ٧٠ جنيه، والأسعار طبعاً أثرت على الإقبال».
ويتفق معه السيد وحيد، ٥٦ سنة، بائع، قائلاً «بابيع حمص وحلاوة من ٣٠ سنة، وباروح كل الموالد، وأسعار الحمص زادت الضعف، يعنى أفتكر إن زمان كنا بنجيب شوال الحمص الـ٦٠ كيلو بـ٣٠ جنيه، النهارده الشوال بيوصل١٧٠٠ جنيه، والناس ماحدش منهم بيشترى، ولما باقول لحد سعر الكيلو ٣٥ جنيه، بيبص لى كأنى ضربته طلقة رصاص، ومعظم الناس هنا بتيجى تاكل وتشرب ببلاش من الخيم، المولد زحمة على الفاضى». طفل صغيرة كان يجلس على عربة خشبية أتى مع والدته ليبيعا البط لزوار المسجد، إلا أن الأمر انتهى بأن ينظر إليهم البعض، فيما يقوم آخرون بالتقاط صور تذكارية لهم بجوار الطفل والبط، هكذا قالت الأم فى حزن.
ومع انتصاف الليل ارتفعت الأصوات، وتوافد الحاضرون بأعداد غفيرة، ليستمعوا لأناشيد وابتهالات الشيخين ياسين التهامى ونجله محمود التهامى، وفى ظل تلك الأجواء كانت قوات الشرطة قد انتشرت فى كل أرجاء المكان لتأمين الاحتفالات. واستمر الاحتفال بمولد السيدة زينب حتى الصباح الباكر، واستمر الباعة فى الترويج لبضاعتهم، بينما لم يتوقف الزائرون عن ترديد الأناشيد والابتهالات، وظل الأطفال يلهون حتى تملك النوم من بعضهم، فغرقوا فى سبات عميق بأحضان أمهاتهم وآبائهم الذين وعدوهم بأن يصطحبوهم إلى هنا العام المقبل، إن كان فى العمر بقية، محبة فى آل البيت.

No comments:

Post a Comment